Post Page Advertisement [Top]


الملخّص :

يبدو أن السّكر لا يسبب فرط النشاط لدى الغالبية العظمى من الأطفال كما هو مزعوم، حيث من الممكن للدراسات المستقبلية الأكبر والأشمل أن تكشف مدى الارتباط بينهما، ولكن الأدلة الحالية تشير إلى أن هذا الارتباط مجرد خرافة.

فرط النشاط Hyperactive : هو زيادة في الحركة والأفعال الاندفاعية وسهولة تشتت الانتباه.

يعتقد معظم الناس أن الأطفال يكونون أكثر عرضة للإصابة بفرط النشاط إذا تناولوا السكر أو المُحليات الصناعية لكن العلماء يعارضون ذلك.



المقال كاملاً :

أولاً- ما السبب الذي جعل هذه الخرافة تلقى رواجاً كبيراً حتى يومنا هذا؟

نمت فكرة أن الغذاء يمكن أن يكون له تأثير على السلوك في عام 1973 عندما نشر أخصائي الحساسية بنجامين فينجولد -دكتور في الطب- نظامه الغذائي الذي دعا إلى اتباع حمية خالية من السّاليسيلات والملونات الغذائية والمنكهات الصّناعية لعلاج فرط النشاط.
على الرّغم من أن نظام فينجولد لم يدعُ إلى إقصاء السكر على وجه التحديد، ولكن تم تصنيفه ضمن فئة المضافات الغذائية بسبب الاعتقاد السّائد بأنه يؤثر على سلوك الاطفال.

ثانياً- هل فعلاً يؤثر تناول السكر على سلوك الطفل؟

من خلال التجارب المختلفة على مر السّنين، اكتشف العلماء عدم وجود دليل قوي يدعم الادعاء بأن السكر يسبب فرط النشاط.

على سبيل المثال، لاحظ الدكتور هوفر من جامعة كنتاكي أن إزالة ووضع المضافات الغذائية في وجبات الأطفال أدت إلى زيادة التبليغ عن حالات فرط النشاط من قبل الوالدين على الرغم من أن الاختبارات السريرية الموضوعية أثبتت خلاف ذلك.

هناك العديد من الافتراضات المحتملة لوجود علاقة بين معدل استهلاك السكر وفرط النشاط، إحداها أن زيادة استهلاك السكر تؤدي إلى إنتاج المزيد من الأنسولين، مما يثبط الأحماض الأمينية المحايدة (قطبية، معتدلة الشحنة) في الدم مثل فينيل ألانين والتيروزين.
الحمضان الأمينيان السابقان مهمان، لأنهما طليعتا الدوبامين والنورأدرينالين، وكلاهما يلعب دوراً مهماً في اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD حيث تكون مستوياتهما منخفضة جداً.

لكن في عام 1982، أعلن المعهد الوطني الأميركي للصحة عدم وجود أي صلة بين السكر وفرط النشاط علمياً.

ثالثاً- فرضيات أخرى تفسر سبب فرط النشاط عند الأطفال:

يختلف مستوى النشاط عند الأطفال باختلاف أعمارهم حيث يكون الطفل البالغ من العمر عامين أكثر نشاطاً، ومدة انتباهه أقصر من الطفل ذي العشر سنوات.

يتباين مستوى انتباه الطفل أيضاً اعتماداً على اهتمامه بنشاط ما، وقد ينظر الوالدان إلى مستوى نشاط الطفل بشكل مختلف تبعاً للموقف الجاري، على سبيل المثال قد يكون نشاط الطفل في الملعب أمراً طبيعياً، ولكن يُعتبر النشاط المفرط في وقت متأخر من الليل مشكلة.

في بعض الحالات يكون اتباع نظام غذائي خالٍ من الأطعمة التي لا تحتوي على منكهات أو ألوان صناعية مفيداً للطفل، لأن الأسرة والطفل يتفاعلان بطريقة مختلفة عندما يتخلص الطفل من تلك الأطعمة.
تلك التغييرات وليس النظام الغذائي نفسه، قد تحسن السلوك ومستوى النشاط.

رابعاً- هل هناك أطفال شديدو التأثر بالسكر؟

يعتقد بعض الآباء أن أطفالهم لديهم ردود فعل خاصة للسكر، لاختبار صحة اعتقادهم أجريت التجربة التالية، حيث قارن الباحثون مجموعتين من الأطفال:

25 طفلاً سوياً تتراوح أعمارهم بين 3 و5 سنوات.
23 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 6-10 سنوات، وصفهم آباؤهم بأنهم حساسون للسكر.
اتبعت كل عائلة ثلاث نظم غذائية تجريبية بانتظام لمدة 3 أسابيع، احتوت الحميات المتبعة ما يلي:

1- نسبة عالية من السّكروز (سكر صناعي)، مع عدم وجود محليات صناعية.
2- نسبة منخفضة من السكروز، ولكن مع الأسبارتام كمُحلي.
3- نسبة منخفضة من السكروز، ولكن مع السكرين -بلاسيبو- كمُحلي.
كانت الأنظمة الغذائية الثلاثة خالية من الملونات والمواد المضافة والحافظة الصناعية.

قيّم العلماء سلوك الأطفال والأداء المعرفي لهم أسبوعياً، وبالنتيجة:
"لم تكن هناك فروق هامة في أي من 39 متغيراً سلوكيًا ومعرفياً بين الأنظمة الغذائية الثلاثة بالنسبة للأطفال الموصوفين بأنهم حساسون للسكر، أما بالنسبة للأطفال في سن ما قبل المدرسة اختلفت 4 مقاييس فقط من 31 مقياساً بين الأنظمة الغذائية الثلاثة بشكل كبير، مع عدم وجود نمط ثابت في تلك الاختلافات التي لُوحظت".

نشرت International Journal of Food Sciences and Nutrition عام 2017 بحث علمي، درس فيه الباحثون تأثير استهلاك السّكر على نوم وسلوك 287 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 8-12 عاماً.
جُمعَت البيانات من عدة استبيانات (تواتر الغذاء، الديموغرافية واستبيانات النوم)، ومن المدهش أن 81٪ من الأطفال يتجاوزون الحد المُوصَى به للاستهلاك اليومي للسكر.
وبذلك توصل الباحثون إلى أن "إجمالي استهلاك السكر لم يكن مرتبطاً بالمشاكل السلوكية أو النوم، ولم يؤثر على العلاقة بين تلك المتغيرات".

عند جمع تلك المخرجات معاً تكون النتيجة كالتالي: إذا كان السكر يؤثر على فرط النشاط فإن هذا التأثير ليس كبيراً، ولا يمتد إلى غالبية الأطفال.

خامساً- ما هي نتائج الأبحاث الجارية؟

أوقفت الدراسات التي تبحث عن الرابط بين فرط النشاط والسكر منذ 1990 عدا مجال واحد استمرت الأبحاث فيه.
بالنسبة للغالبية العظمى من الأطفال لن يسبب السكر فرط النشاط، باستثناء مجموعة واحدة وهم الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD).

بالبحث عن آثار طويلة الأمد تم نشر مراجعة منهجية في Journal of Affective Disorders باسم "دليل على الارتباط بين النظم الغذائية واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD".
توصل الباحثون إلى أن "النظام الغذائي مرتفع السكر المعالج والدهون المشبعة يمكن أن يزيد من خطر الإصابة ب ADHD وأن النظام الغني بالفاكهة والخضروات هو سبيل الوقاية"

ينبه القائمون على هذه الدراسة إلى نقطة مهمة جداً هي وجود بعض الأدلة التي تشير إلى أن الأشخاص المصابين ب ADHD هم أكثر عرضة للإفراط في تناول الطعام مقارنة بالأشخاص الذين لا يعانون منه.
وهذا قد يعني أن زيادة استهلاك الأطعمة التي تنشط دارات المكافأة في الدماغ كالوجبات السكرية الخفيفة، قد تكون نتيجة لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD، وليس عاملاً يزيد من خطر الإصابة به.

سادساً- لماذا إذاً لا يزال الكثير من الآباء يعتقدون أن السكر يجعل أطفالهم مفرطي النشاط؟

يمكن أن تؤثر توقعات الشخص على تفسيره وإدراكه للأمور حيث يقترح بعض الباحثين أن مجرد توقع تأثير السكر على الطفل يمكن أن يؤثر على كيفية تفسير الشخص لما يراه.

أظهرت دراسة نشرت في 'Journal of Abnormal Child Psychology' أن الآباء الذين يعتقدون أن سلوك الطفل يتأثر بالسكر يكونون أكثر ميلاً إلى وصف أطفالهم بأنهم مفرطون في النشاط عندما يرون أن الطفل قد تناول السّكر لتوه.

كل ما ذكر سابقًا لا يعني أبدًا أن ترك الأطفال يفرطون في تناول الحلويات أمراً مقبولاً تماماً، على الرغم من أن التناول المفرط للسكريات قد لا يكون مرتبطاً بفرط النشاط، لكنه بالتأكيد المسبب الرئيس للسمنة التي تؤهب أحياناً للإصابة بداء السكري كما أن الإفراط في تناول السكريات قد يسبب تسوس الأسنان.
لذلك يُنصح دائماً بالاعتدال في تناول السكريات بكل أشكالها وعدم تجاوز الحدود الموصى بها من قبل الأطباء، وذلك ينطبق على جميع الأعمار وليس الأطفال فقط.

المصادر :


إعداد المقال :

تم كتابة هذا المقال من قبل:

تم تدقيق هذا المقال علمياً من قبل:

تم تدقيق هذا المقال لغويّاً من قبل:

تم تنسيق هذا المقال من قبل:

Bottom Ad [Post Page]

إخلاء مسؤولية الرعاية الصحية:
إن المحتوى الطبي الذي يوفره هذا الموقع هدفه تعليمي توعوي فقط وعليه لا يتحمل موقع Antimythotic أي مسؤولية قانونية أو أخلاقية عن أي استشارة طبية أو مسار علاجي أو تشخيص أو أي معلومات أو خدمات أخرى تحصل عليها من خلال هذا الموقع، فليس الغرض من المعلومات المقدمة أن تحل محل الاستشارة الطبية التي يقدمها الأطباء، ولن يكون Antimythotic مسؤولاً عن أي أضرار مباشرة أو غير مباشرة أو تبعية ناجمة عن الأخذ بالمعلومات الموفّرة من قبلنا على أنها استشارة طبية، ونؤكّد على ضرورة مراجعة كافة المعلومات المتعلقة بأي حالة طبية أو علاج مع طبيبك المختص إذ لا يجب أبداً تجاهل الاستشارة الطبية المتخصصة أو تأجيل الحصول على العلاج الطبي بسبب شيء قرأته أو وصلت إليه من خلال هذا الموقع.

جميع الحقوق محفوظة Antimythotic©
تصميم | Layth Aldayeh